10/17/2025 | Press release | Distributed by Public on 10/18/2025 07:42
أسعد الله صباحكم بكل خير.
سعادة السيد/ كوريا - نائب رئيس الوزراء ووزير المالية في كابو فيردي، نشكركم على توليكم رئاسة هذه الجلسة العامة.
كريستالينا، يسعدني أن أشارككم الاحتفاء بهذه الشراكة.
إن الأحداث الأخيرة في سوريا وقطاع غزة تبعث لدينا الأمل في إمكانية تحقيق السلام في أي منطقة تشهد صراعات-سواء أكان ذلك في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أو السودان، أو أوكرانيا، أو اليمن، أو أي منطقة أخرى.
إننا نتطلع إلى تحقيق السلام، وبالتالي علينا أن نستعد له أيضاً.
وفي هذا المسعى، شكّلنا مجموعات من الخبراء للتخطيط لإعادة الإعمار في غزة وأوكرانيا، مستفيدين من خبرات المتخصصين الإقليميين في القطاعين الحكومي والخاص. وتتولى مجموعة غزة حالياً التنسيق مع الشركاء الفاعلين في المنطقة.
إن إعادة الإعمار تمثل جزءاً جوهرياً من مهامنا؛ وهي خدمة نحن على أتم الاستعداد لتقديمها متى وأينما دعت الحاجة، وبكل ما استطعنا من قوة.
في الوقت ذاته، نلتزم، كمؤسسة إنمائية، بالقدر نفسه بمنع نشوب الصراعات، لأن إعادة بناء ما فُقد يجب أن يصاحبه التركيز على تهيئة الظروف المواتية لتحقيق الفرص والاستقرار.
هذا الالتزام هو ما يلهم قراراتنا وأفعالنا اليوم.
إننا نشهد إحدى التحولات الديموغرافية الكبرى التي ستظل علامة فارقة في تاريخ الإنسانية.
فبحلول عام 2050، سيعيش أكثر من 85% من سكان العالم في بلدان نطلق عليها اليوم "البلدان النامية".
وعلى مدى العشرة أعوام إلى الخمسة عشر عاماً القادمة، سيدخل نحو 1.2 مليار شاب سوق العمل، في منافسة على حوالي 400 مليون وظيفة فقط، مما سيترك فجوة هائلة لا يستهان بها.
اسمحوا لي أن أعبر عن هذه المشكلة الملحة بطريقة أخرى:
وستشهد أفريقيا أكثر معدلات النمو السكاني، إذ ستصبح موطناً لربع سكان العالم بحلول عام 2050. وتشير التقديرات خلال هذه الفترة إلى ما يلي:
هؤلاء الشباب، بما يحملونه من طاقة وأفكار، سيشكلون ملامح القرن القادم.
وهذا هو السبب في أن الوظائف يجب أن تكون في صميم أي إستراتيجية إنمائية أو اقتصادية أو أمنية على المستوى الوطني.
ولكن، ما الذي نعنيه حقاً عندما نتحدث عن الوظائف؟
والوظيفة ليست مجرد راتب أو أجر؛ بل الوسيلة التي يستطيع بها الرجال والنساء على حدٍ سواء تحقيق طموحاتهم وأحلامهم.
لذلك قمنا بإعادة صياغة أهدافنا وأنشطتنا....، وأساليب قياسها....، وآليات تنفيذها....، مسترشدين بهذا الواقع الذي نعيشه.
وعلى مدار العامين الماضيين، أولينا اهتماماً بالغاً بالتحرك بوتيرة أسرع وبأسلوب أكثر بساطة، مع التركيز على تحقيق الأهداف الجوهرية.
كل هذه الإصلاحات تُشكل حجر الأساس اللازم للبناء.
أما الرسالة فهي توفير الوظائف.
إن معظم الوظائف، أو على وجه التقريب 90% منها، تأتي في نهاية المطاف من القطاع الخاص، لكن البداية ليست دائماً من هناك.
فالبلدان تعمل وتتحرك دون توقف:
والقطاع الخاص - بغض النظر عن حجمه، سواء أكان كبيراً أم صغيراً، محلياً كان أم عالمياً - لا يمكنه تحقيق ذلك بمفرده.
كما أن رواد الأعمال بحاجة إلى تهيئة الظروف الملائمة التي تمكنهم من الانطلاق، والتوسع والنمو، وخلق فرص العمل.
إن تلك الظروف لا تأتي عن طريق المصادفة، بل هي نتاج عمل دؤوب وتخطيط محكم.
هنا يأتي دور مجموعة البنك الدولي في تقديم شيء فريد من نوعه من خلال إستراتيجيتنا القائمة على ثلاث ركائز:
الركيزة الأولى: تتولى الحكومات زمام المبادرة في إطار تعاون وثيق مع القطاع الخاص، لإقامة البنية التحتية البشرية والمادية التي تمثل أساسا للفرص: مثل الطرق، والموانئ، والكهرباء، والتعليم، والرقمنة، والرعاية الصحية. ويعمل ذراعا البنك الدولي - البنك الدولي للإنشاء والتعمير (IBRD) والمؤسسة الدولية للتنمية (IDA) المعنيان بمساعدة البلدان والحكومات على تمويل هذه الاستثمارات، ودعم البلدان لرفع كفاءة استخدام الموارد، فضلاً عن تعزيز إقامة الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
الركيزة الثانية: بيئة أعمال تتميز بالقواعد الواضحة، وتكافؤ الفرص، والإدارة الاقتصادية الرشيدة. يشمل ذلك تأمين الحق في امتلاك الأراضي، وضرائب مستقرة وواضحة، ومؤسسات شفافة، بالإضافة إلى إدارة مسؤولة للديون وسياسات متوازنة لأسعار الصرف. إننا ندعم هذه الإصلاحات جنباً إلى جنب مع صندوق النقد الدولي من خلال بنك المعرفة لدينا، وذلك باستخدام أدوات السياسات وآليات التمويل المستند إلى الأداء.
الركيزة الثالثة: عند اكتمال الأساسيات، نعمل على دعم القطاع الخاص لتوسيع نطاق طموحاته وتشجيع روح المخاطرة من خلال مؤسسة التمويل الدولية والوكالة الدولية لضمان الاستثمار، حيث نقدم رأس المال، والاستثمار المباشر في الشركات، والضمانات، والتأمين ضد المخاطر السياسية، بدعم من المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار.
هذه السلسلة المتكاملة من الإجراءات من وضع الأساس إلى تصميم السياسات وتوفير رأس المال هي السبيل لتحويل الطموحات إلى فرص عمل ووظائف، أي تحويل الإمكانات والطاقات الكامنة إلى أجر يتقاضاه العاملون.
لقد حددنا 5 قطاعات تتمتع بأقوى الإمكانات لخلق الوظائف، وهي: البنية التحتية والطاقة، الصناعات الزراعية، والرعاية الصحية، والسياحة، والصناعات التحويلية ذات القيمة المضافة، بما في ذلك المعادن الحيوية.
هذه القطاعات لا تعتمد على المعونات، بل هي محركات للنمو وقادرة على خلق فرص عمل مناسبة محلياً دون التأثير سلباً على فرص التشغيل في الاقتصادات المتقدمة.
وهي تُسهم في بناء طبقة متوسطة قادرة على دفع عجلة الطلب العالمي في المستقبل، بما في ذلك الطلب على السلع والخدمات القادمة من الأسواق المتقدمة.
وخلال العامين الماضيين، أطلقنا سلسلة من المبادرات الإستراتيجية عبر العديد من هذه القطاعات. هذه المبادرات ليست خططاً منفصلة أو قائمة بذاتها، بل إنها متكاملة وتعزز بعضها بعضاً، وتجمع موارد ومقدرات مجموعة البنك الدولي مع ما لدى الشركاء من إمكانات. وذلك لأننا بحاجة إلى تكاتف جميع الجهود والعمل المنسق لتحقيق نتائج ملموسة على نطاق واسع.
وتركز إستراتيجيتنا الخاصة بالكهرباء على توفيرها بأسعار معقولة دون انقطاع، مع إدارة الانبعاثات على نحو مسؤول. هذه الإستراتيجية هي أساس المهمة 300 لتوفير الكهرباء لنحو 300 مليون أفريقي آخرين بحلول عام 2030. وتتمتع البلدان بخيارات واسعة لاختيار الحلول التي تناسب احتياجاتها وسياقاتها الخاصة، سواء أكان ذلك عبر تحديث شبكات الكهرباء العمومية، أو إنشاء أنظمة الطاقة الشمسية، أو طاقة الرياح، أو الطاقة الكهرومائية، أو الغاز، أو الطاقة الحرارية الأرضية. وقد بدأنا أيضاً العمل، في إطار شراكة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، لتوفير الدعم النووي لأول مرة منذ عقود. والهدف هو توفير الكهرباء الكافية لزيادة إنتاجية الأفراد والشركات.
لقد وضعنا هدفاً طموحاً تمثل في تقديم خدمات الرعاية الصحية لنحو 1.5 مليار شخص. وفي شهر ديسمبر/كانون الأول القادم، سندعو الحكومات والمستثمرين والمبتكرين في قمة تُعقد في طوكيو لدفع هذه الأجندة قدماً. وقد بدأت إندونيسيا بالفعل في قيادة هذه المسيرة، حيث تعهدت أن يُمنح كل مواطن في يوم عيد ميلاده الحق في زيارة سنوية للحصول على خدمات الرعاية الأولية، وهو نهج يمكن أن يعيد صياغة مستقبل الرعاية الصحية لنحو 300 مليون نسمة.
ومن خلال مبادرة تحويل القطاع الزراعي (AgriConnect)، نساعد صغار المزارعين وأصحاب الحيازات الصغيرة على الانتقال من زراعة الكفاف إلى تحقيق فائض في الإنتاج. وسنعمل على إقامة منظومة للتعاونيات. هذه المنظومة تشمل توفير التمويل للمزارعين والشركات الصغيرة والمتوسطة، وربط المنتجين والمزارعين بالأسواق، والاستفادة من الأدوات الرقمية مثل تقنيات الذكاء الاصطناعي. هذه الجهود تستند إلى تعهد بمضاعفة التمويل الذي نقدمه إلى 9 مليارات دولار سنويا وتدبير 5 مليارات دولار إضافية.
كما نعمل على وضع اللمسات الأخيرة على إستراتيجية شاملة لقطاع المعادن والتعدين، تهدف إلى مساعدة البلدان على تجاوز مرحلة استخراج المواد الخام إلى مستويات المعالجة والتصنيع على المستوى الإقليمي لزيادة القيمة المضافة، وفرص العمل على المستوى المحلي. ونتوقع طرح هذه الاستراتيجية خلال الأشهر المقبلة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يمكننا ترجمة كل هذا إلى واقع ملموس؟
نبدأ بإطار موحد للشراكة القطرية على مستوى مجموعة البنك الدولي. هذا الإطار يتم إعداده وتطويره بالتعاون مع قيادة البلد المعني وخبرائنا المتخصصين.
وسيكون كل إطار عبارة عن خطة إستراتيجية طويلة الأجل تهدف إلى توحيد إمكانات وقدرات المؤسسة الدولية للتنمية (IDA)، والبنك الدولي للإنشاء والتعمير (IBRD)، ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، والوكالة الدولية لضمان الاستثمار (MIGA)، والمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID) حول مجموعة من الأولويات المحددة على نحو يلبي الاحتياجات والطموحات الخاصة بكل بلد على حدة.
هذا الإطار قد يعني لبلد ما إنشاء سلاسل قيمة متكاملة لقطاع المعادن....؛ وقد يعني لبلد آخر، تطوير السياحة التي تقوم على المقومات الطبيعية والثقافية والحضارية ......؛ أو ربما تعزيز الأنظمة الصحية لعلاج المرضى وتوفير فرص العمل.......؛ أو بناء منظومة للصناعات والأنشطة الزراعية تدعم صغار المزارعين وترتقي بمستوى معيشتهم.
لقد حددنا مسارنا بعناية لتحقيق هذا الهدف، أما الأسس والقواسم المشتركة بيننا جميعا فهي:
ولتحقيق التوسع المطلوب وتعظيم الاستفادة من مركزنا المالي وإطلاق ما لدينا من أموال لمواجهة أصعب التحديات، لا بد من استثمار كامل إمكانات وقدرات القطاع الخاص.
ولهذا السبب، نعمل بكل حرص على إزالة العوائق التي تعترض طريق الاستثمار، وتهيئة بيئة مواتية تُمكّن رأس المال الخاص من تحقيق الأثر الإنمائي المطلوب.
إننا نعمل على تنفيذ خارطة الطريق التي قدمها مختبر استثمارات القطاع الخاص، فضلاً عن تطبيق الأدوات والحلول العملية على مستوى مجموعة البنك الدولي:
وقبل أسابيع قليلة فقط، أنجزنا أول عملية في هذا الإطار. هذه العملية تمثلت في تجميع منتجات التمويل المقدمة من مؤسسة التمويل الدولية بقيمة 510 ملايين دولار في أوراق مالية مُصنفة. وكان الطلب قوياً للغاية، أما التحدي المقبل فيتمثل في جانب العرض أي طرح عمليات مماثلة. ولهذا السبب، نعمل على تطوير مجموعة مستدامة من منتجات التمويل على مستوى البنك، ونخطط للعمل على نحو وثيق مع جهات أخرى.
إن كل خطوة تُسهم في خفض المخاطر، وتعزيز الثقة، ومدّ جسور التعاون مع أصحاب رأس المال الخاص.
لكن رأس المال لا يمكن أن يتدفق ما لم يكن هناك أساس قوي منذ البداية.
ولهذا السبب، نُكرّس جهودنا لتحقيق التنمية على النحو الصحيح: تنمية تتميز بالاستدامة والقدرة على الصمود، وتحقيق سلامة المالية العامة:
إنها التنمية الذكية.
يسعى العديد من البلدان اليوم إلى تحقيق النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل، وانتشال شعوبها من الفقر، وفي الوقت نفسه تواجه موجات جفاف وعواصف وفيضانات. هذه البلدان غالباً ما تعاني من أسس هشة لا تدعم المالية العامة، أو قد تكون مثقلة بالديون، أو تعاني من ضعف ينخر فيها بسبب الفساد، أو تفتقر إلى الموارد الضرورية لدفع عجلة التنمية.
والتنمية الذكية تعني بناء القدرة المادية على الصمود وتعزيز المؤسسات.
وهذا هو ما تطلبه منا البلدان والجهات المتعاملة معنا، وبناءً على هذا الطلب نقوم بتطوير أساليب عملنا لتلبية هذه الاحتياجات.
يمكنكم ملاحظة التغير في الأرقام بوضوح. ففي العام الماضي، صُنِّف نحو 48% من تمويلنا على أنه يحقق منافع مناخية مشتركة وفق المنهجية المشتركة لبنوك التنمية متعددة الأطراف، وهو ما تجاوز توقعاتنا.
وفي هذا السياق، شكلت مشاريع التمويل التي تستهدف بناء القدرة على الصمود 43% من محفظة المشاريع الحكومية، مقارنة بمستوى الثلث فقط قبل عامين.
اسمحوا لي أن أتوقف قليلاً لأشرح لكم هذه المعادلة التي تحقق المنافع المشتركة، ولماذا يساهم طلب الجهات والبلدان المتعاملة معنا في تحقيق هذه النتائج.
إن التنمية الذكية هي التنمية المستدامة التي تصمد أمام تحديات الزمن.
كما أن متطلبات البلدان نفسها هي التي تدعونا إلى تطوير ما نقوم به من أنشطة وأعمال بشأن المؤسسات والمالية العامة. فالمزيد من البلدان تطلب المساعدة لتعزيز أنظمتها الأساسية، ونحن نواكب هذه المتطلبات بابتكار حلول عملية وفريدة:
ومع تنامي الحاجة إلى أدوات تعزز الثقة، فإننا نعمل بكل جدية على تقديم الاستجابة اللازمة:
لقد بدأنا نرى ما يمكن تحقيقه، ففي غضون عامين فقط، زادة حجم التمويل السنوي لمجموعة البنك الدولي من 107 مليارات دولار إلى 119 مليار دولار.
وزادت استثمارات القطاع الخاص من 47 مليار دولار إلى 67 مليار دولار.
ووصل إجمالي الارتباطات، بما في ذلك، ما تم تدبيره من رؤوس الأموال الخاصة، إلى 186 مليار دولار.
ونجحنا في تدبير 79 مليار دولار إضافية من مستثمرين من القطاع الخاص من خلال إصدار السندات.
إن هذا الحجم من التمويل يُترجم إلى أثر ملموس على أرض الواقع:
فمنذ أن أطلقنا بطاقة قياس الأداء المؤسسي الجديدة لمجموعة البنك الدولي في عام 2024، نجحنا في تقديم يد العون والمساعدة إلى:
هذه ليست مجرد زيادة في الأرقام، بل شاهد على زيادة التركيز في العمل وتحول عميق في أسلوب التفكير.
إنه نهج يرى التنمية إستراتيجية وليست عملاً خيرياً، ويعتبر الوظائف الناتج الحقيقي للتنمية الناجحة وليس مجرد أثر جانبي لها.
إن تركيزنا على الوظائف وخلق فرص العمل لا يعني الابتعاد عن خدمات الرعاية الصحية، أو مشاريع البنية التحتية، أو التعليم أو الطاقة، بل يعني مضاعفة الجهود المبذولة في جميع هذه المجالات.
إن الوظيفة هي ثمرة اكتساب المهارات من المدرسة والتعليم، وتتحقق فرص العمل عندما يصبح الطريق شرياناً للنفاذ إلى الأسواق، وعندما تدعم العيادات صحة الأفراد ليتمكنوا من العمل، وعندما تتوفر الكهرباء لتشغيل الشركات والمشاريع.
وعلى هذا النحو، تتضافر جهودنا، ونحول الاستثمارات إلى أثر إيجابي،
ونقدم للناس ما يريدونه ويحتاجونه بشدة ويستحقونه بجدارة:
وظيفة كريمة.
فرصة مناسبة.
مستقبل واعد.
والأهم... الكرامة.